شهدت الليرة اللبنانية والتركية ، اللتان كانتا تعتبران في يوم من الأيام عملات مستقرة نسبيًا ، إنخفاضًا حادًا في قيمتهما. هذا الإنخفاض المفاجئ وغير المتوقع في قيمة هذه العملات ترك العديد من المستثمرين ومحللي السوق في حيرة من أمرهم.
من الجدير بالذكر والتنويه أنه تم ربط الليرة اللبنانية بالدولار الأمريكي لعدة عقود ، لكن الأزمة الاقتصادية في البلاد في الآونة الأخيرة ألحقت خسائر فادحة بقيمتها .حيث أدى سوء إدارة الحكومات اللبنانية لموارد الأموال وإرتفاع مستوى الدين العام إلى تفاقم الوضع، حيث فقدت الليرة أكثر من 90٪ من قيمتها منذ بداية هذه الأزمة في البزوغ ، وإنحدار اليوم يفاقم ويلات الشعب اللبناني أضعافاً.
وبالمثل على الجانب المقابل ، تواجه تركيا منذ بعض الوقت الكثير من التحديات الإقتصادية ، بما في ذلك إزدياد معدلات التضخم المرتفعة وعدم الإستقرار السياسي الداخلي أو الخارجي عالمياً.
هذا وقد تعرض البنك المركزي للبلاد لإنتقادات عدَّة على مدار الفترات السابقة لسوء إدارته للموارد ، وحجة أصحاب هذه الإنتقادات أن سياسات الحكومة لم تؤدِ إلا إلى تفاقم الوضع واتساع الفجوة بين برّ النجاة وعمق الغرق . وقد أدى إنخفاض قيمة الليرة التركية اليوم إلى زيادة المخاوف بشأن الإستقرار الإقتصادي للبلاد.
اقرأ أيضاً : لماذا تنخفض قيمة الليرة؟ وما هو مستقبلها ؟
أيضاً قد يترتب على تراجع قيمة الليرة اللبنانية والتركية تداعيات واسعة النطاق .حيث إنه يؤثر على القوة الشرائية للناس في هذه البلدان ، حيث تصبح السلع والخدمات المستوردة أغلى بكثير من قيمتها نتيجة التضخم ، وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة مستويات الفقر وانخفاض في النمو الاقتصادي.
أما بالنسبة للمستثمرين ، يمثل إنخفاض هذه العملات تحديًا كبيرًا، حيث أنه قد يراه البعض سلاحاٍ ذو حدين ، لأن أولئك الذين إستثمروا في الأسواق اللبنانية أو التركية قد يواجهون خسائر كبيرة نتيجة إنخفاض قيمة العملات.
ومع ذلك ، قد ينظر بعض المستثمرين إلى هذا كفرصة لشراء الأصول بأسعار منخفضة وكسب الأرباح على المدى الطويل.
كما أن لتراجع قيمة الليرة اللبنانية والتركية تداعيات على دول أخرى في المنطقة. على سبيل المثال ، قد تتأثر أيضًا الدول المجاورة التي تتاجر مع لبنان أو تركيا بانخفاض قيمة هذه العملات.
فقد تواجه البلدان التي استثمرت في هذه الاقتصادات أيضًا خسائر مالية.
أما لمعالجة تراجع الليرة اللبنانية والتركية ، يتعين على حكومتي هذين البلدين إتخاذ إجراءات لمواجهة تحدياتهما الإقتصادية. ويشمل ذلك تنفيذ السياسات التي تعزز النمو الإقتصادي ، ومعالجة الفساد ، وخفض الدين العام.
و يمكن للمنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي (IMF) أن تلعب أيضًا دورًا في مساعدة هذه البلدان. يمكن لصندوق النقد الدولي تقديم المساعدة المالية والدعم الفني لمساعدة هذه البلدان على مواجهة تحدياتها الاقتصادية وإستقرار عملاتها وبالتالي لإستقرار الوضع المعيشي الآمن .
و يمكن للمستثمرين أيضًا إتخاذ خطوات للتخفيف من مخاطرهم عند الإستثمار في هذه الأسواق.
ويشمل ذلك تنويع محافظهم الإستثمارية ، والإستثمار في أصول غير مرتبطة بأداء هذه العملات ، ومواكبة التطورات الإقتصادية في هذه البلدان.
كان لتراجع الليرة اللبنانية والتركية أثر كبير على الاستقرار الاقتصادي لهذين البلدين ، ومن غير المرجح أن يتحسن الوضع في أي وقت قريب.
و على سبيل المثال ، يعاني الاقتصاد اللبناني منذ عدة سنوات ، من مستويات عالية من الدين العام ونقص في الاستثمار الأجنبي. وقد تفاقم الوضع بسبب جائحة COVID-19 ، الذي كان له تأثير شديد على صناعة السياحة في البلاد والقطاعات الأخرى.
لكن الأمنيات قد يأتي دور بزوغ نجمها في سمائنا يوما ما ، لا أحد يدري .
أخيراً ، قد مثَّل التراجع المفاجئ في قيمة الليرة اللبنانية والتركية تحديات كبيرة لهاتين الدولتين والمنطقة ككل. من الأهمية بمكان أن تتخذ الحكومات تدابير سريعة وفعالة لمواجهة هذه التحديات وتحقيق إستقرار عملاتها. وكما نوهنا الى دور المنظمات الدولية والمستثمرين في دعم هذه الجهود.