مع التدني المستمر لمستوى الحياة المعيشية في سوريا، ومماطلة الحكومة فيما يتعلق برفع الرواتب والأجور لتصبح أقرب إلى الواقع وتتناسب مع مستوى أسعار السلع والخدمات في البلاد، فقد ارتفعت في الفترة الأخيرة معدلات الاستقالة في سوريا من مختلف المؤسسات الحكومية، حيث إن النسبة الأكبر من الموظفين الحكوميين باتوا يفضلون العمل في القطاع الخاص، بعد أن أصبحت رواتب الحكومة بلا أي قيمة.
وانتشار ظاهرة استقالة الموظفين من المؤسسات الحكومية، يعتبر تهديد كبير لهذه المؤسسات، وخصوصاً بأن بعض القطاعات تشهد اليوم استقالات جماعية للموظفين، الذي يبحثون عن فرص عمل ودخل أفضل، كما إن شريحة واسعة من المستقيلين هم أشخاص أتيحت لهم فرصة للخروج من البلاد بشكل نهائي، الأمر الذي يهدد استمرارية بعض هذه المؤسسات في المستقبل.
ومع العجز التام للحكومة بإيجاد أية حلول قادرة على تحسين واقع العاملين في القطاع الحكومي، فكانت قد لجأت في الفترة الأخيرة إلى التهديد، وذلك من خلال تطبيق أحكام المادة 364 من قانون العقوبات المعدل بمقتضى المرسوم التشريعي ذي الرقم /46/ لعام 1974، والذي يقضي بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن الراتب الشهري مضاف إليها التعويضات لمدة سنة كاملة، على كل من ترك عمله أو انقطع عنه من الموظفين والعاملين في الوزارات أو الإدارات أو المؤسسات أو الهيئات العامة أو البلديات أو أي من جهات القطاع العام أو المشترك.
إصرار كبير من الموظفين على الاستقالة
ومع قيام إدارة المؤسسات برفض طلبات الاستقالة، فهذا الأمر قد دفع الموظفين إلى ترك عملهم، حتى في حال لم يحصلوا على موافقة رسمية بقبول الاستقالة، وقد شهدت الأشهر القليلة الماضية ازدياداً غير مسبوق في معدلات الاستقالة في سوريا، وذلك بالتزامن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي أثّرت في جميع فئات الشعب السوري، وذلك نتيجة ارتفاع الأسعار والتضخم غير المسبوق.
وفي تقرير صادر عن “اتحاد العمال السوريين”.. أشار إلى ارتفاع أعداد المستقيلين ومقدمي طلبات الاستقالة من العاملين في القطاع العام خلال النصف الأول من العام الجاري.. حيث استقال 400 موظف في محافظة السويداء.. و300 آخرين في محافظة القنيطرة والنسبة الأكبر منهم من قطاع التربية.
ولعل السبب الأبرز في هذه الظاهرة وتدني الرواتب والأجور والفساد الكبير في المؤسسات الحكومية.. وسط غياب تام لأي رقابة أو محاسبة.
راتب لا يكفي أجور مواصلات
ومع الانخفاض الكبير في قيمة الرواتب والأجور وانهيار الليرة السورية، فإن الراتب الحكومي بالمتوسط لا يتجاوز اليوم 150 ألف ليرة سورية أي ما يساوي 20 دولار أميركي فقط، وهو لا يكفي اليوم أجور المواصلات للذهاب إلى العمل، وفي حال كان المكان قريباً، فإن هذا الراتب ليس إلا مصروف عائلة لبضعة أيام فقط.
وقد أدى التزايد المستمر في أسعار السلع والمواد الأساسية.. إلى تزايد حجم الفجوة بين أجور الموظفين.. وحجم الإنفاق الذي لا يعادل سوى 15 بالمئة.. من راتب الموظف في أحسن الأحوال.
وقد أكد العديد من الخبراء والباحثين في الاقتصاد السوري على أن الحكومة السورية عاجزة تماماً اليوم عن تطبيق أية آليات قادرة على تحسين الوضع المعيشي، وهي ترفض بشكل قاطع الاعتراف بهذا الامر، ولا تزال تقدم الوعود المتعلقة بتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، أما فيما يتعلق بزيادة الرواتب، فإن مثل هذا القرار سيكون بمثابة الضربة القاضية لأسعار مختلف السلع والخدمات.
فزيادة الأجور اليوم ستعني بشكل قاطع زيادة الأسعار بنفس النسبة وربما أكثر.. وذلك بسبب عدم وجود خطة فعالة تخدم قطاع التجارة والصناعة بما يضمن زيادة معدلات الإنتاج.. وبالتالي الرفع من قدرة المواطن لشراء المزيد من السلع والخدمات بعد الزيادة.
اقرأ أيضاً:
لماذا الحكومة السورية عاجزة عن رفع الرواتب في سوريا
ويمكنكم تحميل تطبيق Syria Exchange من هنا.